Subscribe Twitter

2023/06/23

مخرج طوارئ

 "مخرج طوارئ"




في فترة عصيبة من حياتي كنت أشعر دوما أنني وحيدة؛ وحيدة جدا. الجميع من حولي نعم ولكني لا أجد من ينصت.. ومن يفهم.. ومن يعتني!

كنت أريد بشدة أن يسمعني أحدهم ويفهمني كما أنا ويستوعب رغباتي وما أشعر به؛ أن يربت أحدهم على كتفاي قائلا: أنا هنا لأجلك..

كنت كل صباح أفتح تطبيق الرسائل الإلكترونية والمسمى بال(ماسنجر) وأرسل فقط رسالة واحدة إلى الجميع ذكورا وإناثا؛ ديباجة واحدة لكلتاهما؛ كلمات قصيرة ومقتضبة لقلب يود أن يحكي الكثير..

" مساء الخير؛ أخبارك إيه؟ ممكن نتكلم شوية لأني مخنوقة؟"

أضغط زر الإرسال للجميع وأنتظر الرد الذي سيمنحني السكينة؛ بعد عدة دقائق كان يجيب أحدهم بكلمات تجبرني على الصمت قائلا: "مساء النور؛ بعتذر مشغول حاليا"

أو تتجاهلني صديقة الطفولة لأياما وأسابيع رغم مشاهدتها للرسالة ثم تجيب بعد سنوات قائلة: " مساء النور؛ اه طبعا احكيلي مخنوقة من ايه؟"

أو يأتيني رد مكون من عدة حروف ورموز متداخلة فأعلم حينها أن هناك طفلا صغيرا يتشبث بهاتف والدته قد قرأ رسالتي وأراد أن يعبر لي بطريقته الخاصة عن دعمه الكامل.


كانت تلك حالتي لأياما وشهورا بل وإمتدت لسنوات؛ تم إجباري على الصمت عمدا ومع سبق الإصرار والترصد؛ فلم أتحمل هواني على الناس و إستجدائي لآذانهم؛ فآثرت الصمت لأضيفه على سابقته الوحدة فأطبقن على روحي كفكي الكماشة ولم أدري أين المفر؟

فأين يفر الإنسان حينما تختنق روحه؟!

أليس هناك مخرج طوارئ بالمنشآت العامة نفر إليه حينما نشعر بالخطر؟! في حالة حدوث حريق مثلا؟!

فأين نفر حينما تحترق نفوسنا؟!

فأين هو مخرج الطوارئ خاصتي الذي أفر إليه حينما أشعر بالخطر والحزن والضيق والتعب والمرض والضعف واليأس؟!


ولا أقصد إساءة الأدب ولكنني كنت أرغب أحيانا في وجود انسان ما يتواجد لأجلي؛ ولأجلي فقط في حالات الطوارئ؛ فأنا لست إمراة تطمع بالكثير. فلا أريد أن أثقل كاهل أحدهم؛ فالحياة ثقيلة ومؤلمة بما يكفي!


وبعد عدة سنوات من الوحدة والصمت؛ وجدت في لحظة مباغتة مخرجا للطوارئ؛ يمكنني أن أفر إليه وقتما أردت؛ يمكنني الحديث والفضفضة كما أريد ولكنني وياللعجب أصبحت مرتبكة!

فسنوات طويلة من الوحدة والصمت تركت وبكل أريحية آثارا في روحي المبعثرة..

فأضحيت لا أتحدث أنا بل أنتظر أن يتحدث إلي أحدهم؛ لا أبدأ محادثة وأرسل رسالة خشية ألا يأتيني رد فأعود لأشعر بمشاعر الوحدة مرة أخرى.

وإذا تحدثت عن شيء ما يزعجني فأعتذر كثيرا عن حديثي ليأتيني الرد: "لا تقولي أسفه"

ولكني أردد الاعتذار خشية من أن يتهمني أحدهم أنني قد أفسدت مزاجه الصباحي؛ أو تسببت في تعطيله عن عمله.


فقد جعلني الصمت أكثر قوه نعم ؛ ولكن جعلتني الوحدة أكثر هشاشة؛ فلا أريد أن أشعر بالألم مرة أخرى؛ أكره شعوري بالتجاهل تماما كما أكره الوحدة!


وهكذا نحن..

نترنح دوما مابين الشعور بالخطر و الفرار إلى مخرج الطوارئ؛ تلك الثواني التي يستغرقها الجهاز العصبي من أجل رد الفعل المنعكس للحفاظ على بقائنا..

كذلك هناك ثواني أخرى تستغرقها أرواحنا من أجل الحفاظ على السلامة النفسية؛ تلك التي نقرر فيها الفرار من الأزمات النفسية بالفضفضة إلى مخرج الطوارئ..!


#إيمان_الشرقاوي

0 قول رأيك فى اللى قريته: